ومعناه: كتبت لك على نفسي أن تعتق مني إذا وفيت بالمال، وكتبت لي على نفسك أن تفي بذلك. أو: كتبت عليك الوفاء بالمال، وكتبت على العتق. ويجوز عند أبي حنيفة رحمه الله حالًا ومؤجلًا، ومنجماً وغير منجم، لأن الله عز وجل لم يذكر التنجيم، وقياساً على سائر العقود. وعند الشافعي رحمه الله: لا يجوز إلا مؤجلاً منجماً، ولا يجوز عنده بنجمٍ واحد، لأن العبد لا يملك شيئاً، فعقده حالًا منعٌ من حصول الغرض، لأنه لا يقدر على أداء البدل عاجلاً. ويجوز عقده على مالٍ قليل وكثير، وعلى خدمةٍ معلومة، وعلى عملٍ معلوم مؤقت، مثل: حفر بئرٍ في مكانٍ بعينه معلومة الطول والعرض، وبناء دارٍ قد أراه آجرها وجصها وما تبنى به. وإن كاتبه على قيمته: لم يجز. فإن أداها: عتق، وإن كاتبه على وصيف: جاز، لقلة الجهالة، ووجب الوسط. وليس له أن يطأ المكاتبة. وإذا أدى عتق، وكان ولاؤه لمولاه، لأنه جاد عليه بالكسب الذي هو في الأصل له. وهذا الأمر للندب عند عامة العلماء. وعن الحسن: ليس ذلك بعزم، إن شاء كاتب وإن شاء لم يكاتب.
وعن عمر رضي الله عنه: هي عزمةٌ من عزمات الله. وعن ابن سيرين مثله،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن الله تعالى لم يذكر التنجيم، وقياساً على سائر العقود)، قال القاضي: واحتجاج الحنفية بإطلاقه على جواز الكتابة الحالة ضعيفٌ، لأن المطلق لا يعم مع أن العجز عن الأداء في الحال يمنع صحتها، كما في السلم فيما لا يوجد عند المحل.
قوله: (على وصيف)، الجوهري: الوصيف: الخادم، غلاماً كان أو جاريةً. يقال: وصف الغلام: إذا بلغ الخدمة، فهو وصيف بين الوصافة.
قوله: (وهذا الأمر للندب عند عامة العلماء)، قال القاضي: لأن الكتابة معاوضةٌ تتضمن الإرفاق، فلا تجب كغيرها.