الخربات يتبرز فيها. والمتاع: التبرز. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} وعيدٌ للذين يدخلون الخربات والدور الخالية من أهل الريبة.
[{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} 30].
{مِنْ} للتبعيض، والمراد غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل. وجوز الأخفش أن تكون مزيدةً، وأباه سيبويه. فإن قلت: كيف دخلت في غض البصر دون حفظ الفروج؟ قلت: دلالةً على أن أمر النظر أوسع، ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن وصدورهن وثديهن وأعضادهن وأسوقهن وأقدامهن، وكذلك الجواري المستعرضان، والأجنبية ينظر إلى وجهها وكفيها وقدميها في إحدى الروايتين! وأما أمر الفرج فمضيق، وكفاك فرقاً أن أبيح النظر إلا ما استثنى منه، وحظر الجماع إلا ما استثني منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وجوز الأخفش أن تكون مزيدةً، وأباه سيبويه)، لأن "مِنْ" عنده تزاد في النفي خاصةً لتأكيده وعمومه، ولذلك جاز: ما جاءني من أحد، وما من رجلٍ عندي، لإفادة تأكيد التعميم فيما تدخل عليه، ولم يجز: ما من زيدٍ قائمٌ، ولا: ما زيدٌ من قائم، لتعذر معنى العموم فيهما، وعن الأخفش: زيادته تأكيدٌ في الإيجاب، واستشهد بقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 4]، ووجهه: أنه جاء: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53]، فإن لم يحمل على الزيادة جاء التناقض، وليس بمستقيم، لكونه محتملًا أيضًا غير ما ذكر كما مضى في موضعه.
قوله: (وكفاك فرقًا أن أبيح النظر)، يريد: أن الحكم يقع بالأصالة على المستثنى منه، ثم إذا أخرج منه شيءٌ يكون ذلك الأمر ضروريًا، لأنه على خلاف الأصل، فإذًا الأصل