من أهل الدار حاضرين وغائبين، لم تبق شبهةٌ في كونه منهيًا عنه مع انضمام الأمر بالرجوع إلى فقد الإذن. فإن قلت: فإذا عرض أمرٌ في دار، من حريق، أو هجوم سارق، أو ظهور منكر يجب إنكاره؟ قلت: ذلك مستثنًى بالدليل.
أي: الرجوع أطيب لكم وأطهر، لما فيه من سلامة الصدور والبعد من الريبة، أو: أنفع وأنمى خيراً. ثم أوعد المخاطبين بذلك بأنه عالمٌ بما يأتون وما يذرون مما خوطبوا به فموف جزاءه عليه.
[{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} 29].
استثنى من البيوت التي يجب الاستئذان على داخلها: ما ليس بمسكونٍ يمنها، وذلك نحو: الفنادق- وهي الخانات- والربط وحوانيت البياعين. والمتاع: المنفعة، كالاستكنان من الحر والبرد، وإيواء الرحال والسلع والشراء والبيع. ويروى: أن أبا بكرٍ رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إن الله تعالى قد أنزل عليك آيةً في الاستئذان، وإنا نختلف في تجاراتنا فننزل هذه الخانات، أفلا ندخلها إلا بإذن؟ فنزلت. وقيل:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إيحادًا، فوضعت وحده مكانه، أي لم أر غيره. وقال أبو العباس: يحتمل أيضًا أن يكون الرجل منفرداً في نفسه، كأنك قلت رأيته منفردًا، ثم وضعت وحده موضعه.
قوله: (فإذا عرض أمر) إلى أخره، جوابه محذوفٌ، أي: فما حكمه؟
قوله: (مستثنى بالدليل)، ولو: الضرورات تبيح المحظورات، وفي كلام الفقهاء: مواضع الضرورة مستثناةٌ من قواعد الشرع.
قوله: (وأنمى خيرًا)، أنمى أرفع، لميت الشيء على الشيء. رفعته عليه، ونميت الحديث إلى فلانٍ: أسندته ورفعته xxxx