[المائدة: 116]. و {سُبْحَانَكَ} للتعجب من عظم الأمر. فإن قلتك: ما معنى التعجب في كلمة التسبيح؟ قلت: الأصل في ذلك أن يسبح الله عند رؤية العجيب من صنائعه، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه، أو لتنزيه الله من أن تكون حرمة نبيه فاجرةً. فإن قلت: كيف جاز أن تكون امرأة النبي كافرةً كامرأة نوحٍ ولوط، ولم يجز أن تكون فاجرةً؟ قلت: لأن الأنبياء مبعوثون إلى الكفار ليدعوهم ويستعطفوهم، فيجب أن لا يكون معهم ما ينفرهم عنهم، ولم يكن الكفر عندهم مما ينفر، وأما الكشخنة فمن أعظم المنفرات.

[{يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 17 - 18].

أي: كراهة {أَنْ تَعُودُوا}، أو: في أن تعودوا، من قولك وعظت فلاناً في كذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وأما الكشخنة فمن أعظم المنفرات)، المغرب: الكشخان بالشين المثلثة والخاء المعجمة: الديوث الذي لا غيرة له، وكشخه وكشخته: شتمته. وفي حاشية "الصحاح" بخط ابن الحبيب: قال الخليل: الكشخان ليس من كلام العرب، بل معربٌ، ويقال للشاتم: لا تكشخ فلانًا.

الانتصاف: لم أعلم كلامًا أبرد من هذا، وكيف يخفى مثله على ذي لب.

قوله: (أو: في أن تعودوا)، يعني: {أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا} يقتضي الزجر والمنع، كأنه قيل: يذكركم الله ويخوفكم في شأن العود إلى مثله.

قال أبو البقاء: حذف حر الجر حملا على معنى يعظكم، أي: يزجركم عن العود،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015