فقيل له، فقال: أخاف ذنباً لم يكن مني على بالٍ وهو عند الله عظيم. وفي كلام بعضهم: لا تقولن لشيء من سيئاتك: حقير، فلعله عند الله نخلة وهو عندك نقير. وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام، وعلق مس العذاب العظيم بها، أحدها: تلقي الإفك بألسنتهم، وذلك أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول له: ما وراءك؟ فيحدثه بحديث الإفك حتى شاع وانتشر، فلم يبق بيتٌ ولا نادٍ إلا طار فيه. والثاني: التكلم بما لا علم لهم به. والثالث: استصغارهم لذلك، وهو عظيمةٌ من العظائم.

[{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} 16].

فإن قلت: كيف جاز الفصل بين {لَوْلَا} و {قُلْتُمْ}؟ قلت: للظروف شأنٌ، وهو تنزلها من الأشياء منزلة أنفسها، لوقوعها فيها، وأنها لا تنفك عنها، فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها. فإن قلت: فأي في تقديم الظرف حتى أوقع فاصلًا؟ قلت: الفائدة فيه بيان أنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به، فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم. فإن قلت: فما معنى {يَكُونُ}، والكلام بدونه متلئبٌ لو قيل: ما لنا أن نتكلم بهذا؟ قلت: ما معناه معنى: ينبغي، ويصح، أي: ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا، و: ما يصح لنا. ونحوه: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ}

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (نقير)، نقير النواة: نقرتها، وفتيلها: الخيط الذي في النقرة، وقطميرها: الجلدة الرقيقة اللاصقة بها.

قوله: (كيف جاز الفصل بين {لَوْلَا} و {قُلْتُمْ}؟ ، يعني: كان من حلق الظاهر أن يقال: لولا قلتم إذ سمعتموه، أي: هلا قلتم: ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا إذ سمعتموه؟

قوله: (أن يتفادوا)، الجوهري: تفادى الرجل من كذا: إذا تحاماه وانزوى عنه.

قوله: (متلئب)، أي: مستقيم. الجوهري: اتلأب الأمر اتلئبابًا: استقام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015