فتركه. وأبدهم: ما داموا أحياءً مكلفين. و {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فيه تهييجٌ لهم ليتعظوا، وتذكيرٌ بما يوجب ترك العود، وهو اتصافهم بالإيمان الصاد عن كل مقبح.

ويبين الله لكم الدلالات على علمه وحكمته بما ينزل عليكم من الشرائع، ويعلمكم من الآداب الجميلة، ويعظكم به من المواعظ الشافية، والله عالمٌ بكل شيء، فاعلٌ لما يفعله بدواعي الحكمة.

[{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} 19].

المعنى: يشيعون الفاحشة عن قصدٍ إلى الإشاعة، وإرادةٍ ومحبةٍ لها. وعذاب الدنيا: الحد، ولقد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي وحساناً ومسطحاً، وقعد صفوان لحسان فضربه ضربةً بالسيف، وكف بصره. وقيل: هو المراد بقوله: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} [النور: 11]. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ} ما في القلوب من الأسرار والضمائر {وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} يعني: أنه قدم علم محبة من أحب الإشاعة، وهو معاقبه عليها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقال: عاده، وعاد له، وعاد إليه، وعاد فيه بمعنى. وعاد له في هذه الآية هو إعادة الحالة الأولى نحو: عاد إليه وفيه.

وقد يكون العدو: ابتداء الشروع في الشيء، قال تعالى: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا} [الأعراف: 89] أي: نشرع فيه ابتداءً.

قوله: (وتذكيرٌ بما يوجب ترك العود)، يريد أن قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} تتميمٌ لقوله تعالى: {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا}، إما للزجر تهييجًا، وإما للتحريض على الاتعاظ تعليلًا، نحوه سيجيء في قوله: {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي} في الممتحنة: [1]، وهو من الشرط الذي لا يضمر له الجزاء لتحققه.

قوله: (وقيل: هو المراد بقوله: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ}، يعني: التعريف في {الَّذِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015