[(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ* فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ* إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ)].

(غَيْرُهُ) بالرفع على المحل، وبالجرّ على اللفظ، والجملة استئناف تجرى مجرى التعليل للأمر بالعبادة (أَفَلا تَتَّقُونَ) أفلا تخافون أن ترفضوا عبادة الله الذي هو ربكم وخالقكم ورازقكم، وشكر نعمته التي لا تحصونها واجب عليكم، ثم تذهبوا فتعبدوا غيره مما ليس من استحقاق العبادة في شيء (أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأنفره: بمعنى. والتهويمُ: أولُ النوم. طروقاً: يقال: ناقةٌ طروقة الفحل التي قد بلغت أن يضربها الفحلُ، وهو مفعولُ "خيلت". جِلبُ الرحل بالجيم المكسورة: عيدانُه.

قوله: (وبالجر على اللفظ)، أي: قرئ: "غيرهِ" بالجر حملاً على اللفظ، قرأها الكسائي وحده.

قوله: (والجملة استئناف)، أي: (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، وذلك أنه لما قال: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) أي: خُصوهُ بالعبادة قالوا: لم تأمرُ بعبادته وحده؟ قال: لأنه (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) فدل اختصاص الجواب على اختصاص ما بُني له الكلامُ، وأن مقام الخطاب مع المشركين استدعى الاختصاص. قال القاضي: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً) إلى آخر القصص: مسوقٌ لبيانِ كفرانِ الناسِ ما عدد عليهم من النعم المتلاحقة، وما حاقهم من زوالها. وقد يجيء الكلامُ في بيان النظم عند قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) [المؤمنون: 57] إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015