يطلب الفضل عليكم ويرأسكم، كقوله تعالى (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ)] يونس: 78 [. (بِهذا) إشارة إلى نوح عليه السلام، أو إلى ما كلهم به من الحث على عبادة الله، أى: ما سمعنا بمثل هذا الكلام، أو بمثل هذا الذي يدعى -وهو بشر- أنه رسول الله، وما أعجب شأن الضلال لم يرضوا للنبوّة ببشر وقد رضوا للإلهية بحجر: وقولهم (ما سَمِعْنا بِهذا) يدل على أنهم وآباؤهم كانوا في فترة متطاولة. أو تكذبوا في ذلك لانهماكهم في الغى، وتشمرهم لأن يدفعوا الحق بما أمكنهم وبما عنّ لهم، من غير تمييز منهم بين صدق وكذب. ألا تراهم: كيف جننوه وقد علموا أنه أرجح الناس عقلا وأوزنهم قولا؟ ! . والجنة: الجنون أو الجنّ، أى: به جنّ يخبلونه (حَتَّى حِينٍ) أى احتملوه واصبروا عليه إلى زمان، حتى ينجلي أمره عن عاقبة، فإن أفاق من جنونه وإلا قتلتموه.

[(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) 26 - 30].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ألا تراهم كيف جننوه)، بيانٌ لقوله: "أو تُكذبوا في ذلك" يعني: قوله: (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ) تكذيبٌ وعنادٌ؛ لانهماكهم في الغي، ألا ترى كيف عقبوهُ بقولهم: (إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) والحالُ أنهم قد علموا أنه أعقلُ الناس؟

قوله: (يُخبلونه)، الجوهري: الخبلُ بالتسكين: الفسادُ، الخبلُ بالتحريك: الجِنّ، يقال: به خبلٌ، أي شيءٌ من أهل الأرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015