وفيها منفعة زائدة، وهي الأكل الذي هو انتفاع بذواتها، والقصد بالأنعام إلى الإبل لأنها هي المحمول عليها في العادة، وقرنها بالفلك - التي هي السفائن - لأنها سفائن البرّ. قال ذو الرمة:
سفينة برّ تحت خدّى زمامها
يريد صيدحه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفيها منفعةٌ زائدةٌ، وهي الكلُ الذي هو انتفاعٌ بذواتها)، يعني: عطفَ قوله: (وَمِنْهَا تَاكُلُونَ) على قوله: (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ) وقدم الظرف على عامله، ليُشعرِ بالأولِ الاشتراك بسائر الحيوانات التي تُناسبها في المنافع، وبالثاني اختصاصها بمنفعةٍ زائدة، وكذا عطف قوله: (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)؛ ليؤذن بأن المراد من قوله: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً) الإبلُ لا غير، فحينئذٍ نظمُ الآيات قريبٌ من نظم قوله تعالى: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية: 17] الآية. فإن قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنْ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) إلى قوله تعالى: (وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ) تفصيلٌ لقوله تعالى: (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [الغاشية: 19 - 29]، وقوله: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً) إلى قوله تعالى: (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) تفصيلٌ لقوله تعالى: (إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية: 17]، وإنما دخل الجبالُ، وإن لم يُنص عليها في التنزيل، لأن قوله تعالى: (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ) يدل عليها، وإليه الإشارة بقوله: "فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض".
قوله: (سفينةُ برٍّ)، في المطلع:
ألا خيلت ميٌّ وقد نام صحبتي ... فما نفر التهويم إلا سلامُها
طروقاً وجلبُ الرحلِ مشدودةٌ به ... سفينةُ بر تحت خدي زمامها
صيدح: علمُ ناقةِ ذي الرُّمة. خيلت: أي: أرت خيالها، وصحبتي: فاعلُ نام. نفره