والثاني: أنّ مفعوله محذوف، أى: تنبت زيتونها وفيه الزيت. وقرئ: (تنبت)، بضم التاء وفتح الباء، وحكمه حكم (تنبت). وقرأ ابن مسعود: (تخرج الدهن وصبغ الآكلين). وغيره: (تخرج بالدهن): وفي حرف أبىّ: (تثمر بالدهن). وعن بعضهم: (تنبت بالدهان). وقرأ الأعمش: (وصبغا) وقرئ و (صباغ). ونحوهما: دبغ ودباغ. والصبغ: الغمس للائتدام. وقيل: هي أوّل شجرة نبتت بعد الطوفان، ووصفها الله تعالى بالبركة في قوله (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) [النور: 35].
[(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَاكُلُونَ (21) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) 21 - 22].
قرئ: (تسقيكم)، بتاء مفتوحة، أى: تسقيكم الأنعام (وَمِنْها تَاكُلُونَ) أى تتعلق بها منافع من الركوب والحمل وغير ذلك، كما تتعلق بما لا يؤكل لحمه من البغال والحمير والخيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الحريري: قيلَ في جواز الجمع بين حرفي التعدية في قراءة ضم التاء عدةُ أقوال، والأحسنُ إنما زيدت الباءُ لأن إنباتها الدُّهن بعد إنبات الثمر الذي يخرجُ الدُّهنُ منه، فلما كان الفعلُ في المعنى قد تعلق بمفعولينَ يكونان في حالٍ بعد حال وهُما الثمرةُ والدُّهنُ احتيج إلى تقويته في التعدي بالباء.
قوله: ("تُنبتُ" بضم التاءِ وفتح الباء)، قال ابنُ جِنِّي: وهي قراءةُ الزُّهريِّ والحسنِ والأعرج. أي: يُنبتُ الماءُ شجرة، ونحن نعلمُ أن الدُّهنَ لا ينبتُ الشجرة وإنما ينبتها الماءُ، وكذلك أيضاً قراءةُ عبد الله: "تخرجُ الدُّهنَ"، أي: تخرجُ من الأرضِ ودهنُها فيها.
قوله: (تنبتُ بالدهان)، الجوهري: الدهانُ: جمعُ دُهن، يقال: دهنته بالدهان.