ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) [الروم: 55]، (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) [الروم: 56].

(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (106) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [طه: 105 - 107].

(يَنْسِفُها) يجعلها كالرمل، ثم يرسل عليها الرياح فتفرّقها كما يذرى الطعام (فَيَذَرُها) «1» أى فيذر مقارّها ومراكزها. أو يجعل الضمير للأرض وإن لم يجر لها ذكر، كقوله تعالى (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ)] فاطر: 45 [. فإن قلت: قد فرّقوا بين العوج والعوج، فقالوا: العوج -بالكسر- في المعاني. والعوج بالفتح:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لُبثهم في القبور هذه الآية. وفيه نظرٌ؛ لأنه فسرها في موضعها في آخر الروم بقوله: أرادوا: لُبثُهم في الدنيا أو في القبور، أو ما بين فناء الدنيا إلى البعث. والاستشهاد للوجه الأول - وهو "يستقصرون مدة لُبثِهم في الدنيا بقوله: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) [المؤمنون: 112] "- صحيحٌ، لتصريح ذكر الأرض.

قوله: (يجعلها كالرمل)، الراغب: نسفت الريح الشيء: اقتلعته وأزالته، وكذا انتسفته، قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً) [طه: 105]، ونسف البعيرُ الأرض بمقدم رجله، قال تعالى: (ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً)، أي: نطرحه فيه طرح النسافة، وهي ما يثور من غبار الأرض، وانتسف لونه، أي: تغير عما كان عليه نُسافُه، كما يقال: اغبر وجهه.

قوله: (العوج- بالكسر-: في المعاني)، قال الزجاج: العوجُ في العصا والجبل: أن لا يكون مستوياً، والأمتُ: أن يغلُظَ مكانٌ ويدقَ مكان، قال القاضي: عوجا بالقياس، وأمتا بالإحساس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015