العيون إلى العرب لأنّ الروم أعداؤهم وهم زرق العيون ولذلك قالوا في صفة العدوّ: أسود الكبد، أصهب السبال، أزرق العين. والثاني: أنّ المراد العمى، لأنّ حدقة من يذهب نور بصره تزراقّ. تخافتهم لما يملأ صدورهم من الرعب والهول، يستقصرون مدّة لبثهم في الدنيا: إما لما يعاينون من الشدائد التي تذكرهم أيام النعمة والسرور فيتأسفون عليها ويصفونها بالقصر لأن أيام السرور قصار، وإما لأنها ذهبت عنهم وتقضت، والذاهب وإن طالت مدّته قصير بالانتهاء. ومنه توقيع عبد الله بن المعتز تحت «أطال الله بقاءك»: «كفى بالانتهاء قصرا» وإما لاستطالتهم الآخرة وأنها أبد سرمد يستقصر إليها عمر الدنيا، ويقال لبث أهلها فيها بالقياس إلى لبثهم في الآخرة. وقد استرجح الله قول من يكون أشدّ تقاولا منهم في قوله تعالى (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) ونحوه قوله تعالى (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ)] المؤمنون: 112 - 113 [، وقيل: المراد لبثهم في القبور. ويعضده قوله عز وجل (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أصهب السِّبَالِ)، النهاية: الصهبة مختصةٌ بالشعر وهي حمرةٌ يعلوها سواد.
قوله: (تخافتهم)، التخافت من: خَفت صوته إذا أخفضه.
قوله: (لأن أيام السُّرورِ قصارٌ)، قال:
تمتع بأيامِ السرور فإنها ... قصارٌ وأيامُ الغموم طوال
قوله: (ويتقالُّ لبثُ أهلها)، أي: يُعد قليلاً. النهاية: وفي الحديث: "كأنهم تقالوها"، أي: استقلوها، أي: عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تفاعل من القلة.
قوله: (ويعضده [قوله عز وجل: ] (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ))، أي: يعضد إرادة استقصار