قرأ طلحة: الله الذي لا إله إلا هو الرحمن رب العرش (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) وعن مجاهد وقتادة: وسع، ووجهه أن (وَسِعَ) متعدّ إلى مفعول واحد، وهو كل شيء. وأمّا (عِلْماً) فانتصابه على التمييز، وهو في المعنى فاعل، فلما ثقل نقل إلى التعدية إلى مفعولين، فنصبهما معا على المفعولية لأنّ المميز فاعل في المعنى، كما تقول في «خاف زيد عمرا» خوفت زيدا عمرا، فترد بالنقل ما كان فاعلا مفعولا.

[سورة طه (20): الآيات 99 إلى 101]

(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (100) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) [طه: 99 - 101].

الكاف في (كَذلِكَ) منصوب المحل، وهذا موعد من الله عزّ وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم، أى: مثل ذلك الاقتصاص ونحو ما اقتصصنا عليك قصة موسى وفرعون، نقصّ عليك من سائر أخبار الأمم وقصصهم وأحوالهم، تكثيرا لبيناتك، وزيادة في معجزاتك، وليعتبر السامع ويزداد المستبصر في دينه بصيرة، وتتأكد الحجة على من عاند وكابر، وأن هذا الذكر الذي آتيناك يعنى القرآن مشتملا على هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فنصبهما معاً على المفعولية)، قال ابن جني: معناه: خرقَ كل مُصمتٍ بعلمه لأنه بطنُ كل مُخفى ومستبهم، فصار لعلمه فضاءً متسعاً بعد ما كان متلاقياً.

قوله: (تكثيراً لبيناتك)، إلى آخره: بيانٌ لفائدة ذكر الأقاصيص في التنزيل، فقوله: "زيادة لمعجزاتك" تفسيرٌ لقوله: "تكثيراً لبيناتك"؛ لأن القرآن كما دل بنظمه الفائق على الإعجاز دل بذكر الأقاصيص فيها كما هي عليه من غير نقصان ولا زيادة على الإعجاز؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ما سمعها من أحدٍ ولا قرأها في الكتب.

قوله: (ويزداد المستبصر)، وتتأد الحجة، أي: السامعُ إن كان الموافق فيزداد بصيرةً على بصيرة، وإن كان المخالف فيزدادُ الإلزام على الإلزام.

قوله: (وأن هذا الذكر الذي آتيناك)، إلى آخره، تفسيرٌ لقوله: (وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015