وذكر أبو علي الفارسي في (لنحرقنه) انه يجوز أن يكون "حرّق" مبالغة في "حرق" إذا برد بالمبرد. وعليه القراءة الثالثة، وهي قراءة على بن أبى طالب رضى الله عنه (لَنَنْسِفَنَّهُ) بكسر السين وضمها، وهذه عقوبة ثالثة وهي إبطال ما افتتن به وفتن، وإهدار سعيه، وهدم مكره (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) [آل عمران: 54].

(إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) [طه: 98].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وذكر أبو علي الفارسي في (لَنُحَرِّقَنَّهُ) أنه يجوز أن يكون "حرق" مبالغةً في "حرق" إذا بُرد بالمبرد)، وقال الزجاج: (لَنُحَرِّقَنَّهُ) إذا شثدد فالمعنى: نحرقه مرةً بعد مرة. وقرئت: "لنحرقنه"، أي: لنبردنه بالمبرد، يقال: حرقتُ الشيء أحرقه وأحرقُ الشيء، إذا بردته. قال أبو علي: أن من قرأ (لَنُحَرِّقَنَّهُ) فحملهُ على الحرق بالنار بعيدٌ؛ لأنه لا يحتمل الإحراق. يعني: لم يستعمل حرقته بالنار، لكن أحرقته وحرقته.

قوله: (وعليه القراءة الثالثة)، قال ابن جني: قرأ عليٌّ وابن عباس رضي الله عنهما: لنحرقنه، بفتح النون وضم الراء، يقالُ: حرقتُ الحديد: إذابردته فتحات وتساقط. ومنه قولهم: إنه ليحرقُ علي الأرم أي: يحك أسنانه بعضها ببعضٍ غيظاً علي.

قوله: ((لَنَنسِفَنَّهُ) بكسر السين)، المشهورة، وبضمها: شاذة.

قوله: (وهذه عقوبة ثالثة)، أولاها: الدعاء عليه، ب قوله: (لا مِسَاسَ)، وثانيها: (لَنُحَرِّقَنَّهُ)، قال القاضي: المقصود من ذلك زيادة عقوبته وإظهار غباوة المفتتنين به لمن له أدنى نظر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015