الأقاصيص والأخبار الحقيقة بالتفكر والاعتبار، لذكر عظيم وقرآن كريم، فيه النجاة والسعادة لمن أقبل عليه، ومن أعرض عنه فقد هلك وشقى. يريد بالوزر: العقوبة الثقيلة الباهظة، سماها وزرا تشبيها في ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذِكْراً)، وقد أشار فيه إلى وجه منه مع الآية السابقة واللاحقة. أما ربطه بالسابقة فهو أن العطف فيه للتفسير، ولذلك أعاد ذكر الأخبار والأقاصيص فيه واعتبر التفكر والاعتبار، وأما بيانُ التئامه مع الآية الثالثة فهو قوله: "وإن هذا الذكر الذي آتيناك" إلى قوله: "لمن أقبل عليه"، فآذن به أنه مقابلٌ لقوله: (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ)، فكأنه قيل: نحو ما قصصنا عليك قصة موسى وفرعون، نقص عليك أخبار الأمم وقصص الأنبياء لتكثير بيناتك ومزيد معجزاتك، من أقبل عليه فاز بالقدح المُعلى، ومن أعرض عنه فقد شقي وتردى.

وأما دلالته على قوله: "وإنهُ لذكرٌ عظيم، وقرآنٌ كريم، فيه النجاةُ والسعادة"، فإن التنكير في (ذِكْراً) وإيثار ضمير الجماعة في (آتَيْنَاكُ)، واختصاص (مِنْ لَدُنَّا) مُنادٍ بلسانٍ طلق: إن المؤتى مما لا يُقادرُ قدرته ولا يكتنه كنهه، كأنه قيل: أعظم بمؤتى موليه عظيمُ الشأن قوي السلطان، وأنه من عنده ومن خزائن لطفه وكرمه.

وفي تخصيص اليوم بالذكر وتكرير الجُمل في التذييل، وهو سائلهم يوم القيامة حِملاً: الإشعارُ بأن الموجب للحمل في الدنيا أمرٌ عظيمٌ وخطبٌ جسيم، وهو الإعراض المؤدي إلى تفويت السعادات والكمالات: الدنيوية والأخروية، وبأن تبعة الحمل في ذلك اليوم مما لا يدخل تحت الوصف، فيجبُ أن يُقدر مثله في مقابله، والمصنفُ اقتصر على لفظ النجاة والسعادة اختصاراً وإيجازاً.

قوله: (لذكرٌ عظيم وقرآنٌ كريم)، من عطف الشيء على نفسه تجريداً، نحو قولهم: مررتُ بالرجل الكريم والنسمة المباركة.

قوله: (الباهظة)، الجوهري: بهظه الحملُ يبهظه بهظاً: إذا أثقله وعجز عنه، وهذا أمر باهظٌ، أي: شاقٌّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015