وقرئ (لا مِساسَ) بوزن (فجار). ونحوه قولهم في الظباء. إذا وردت الماء فلا عباب،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليوم يومٌ باردٌ سمومهُ ... من جزع اليوم فلا تلومه
"اليوم" إذا كان بمعنى الوقت يُفتح، ورُدَّ بأنه يلزمُ أن يكون للزمان ظرفٌ، ولذلك أولوا اليوم الجمعة، واليوم السبت، من سبتتٍ اليهودُ، أي: قامت بأمرِ سبتها، ومن ثم لم يجز في سائر الأيام، فلا يقال: اليوم الأحد، وأولوا قولهم: اليوم يومُك على غلبتك. ومثلُ هذه التأويلات تبعدُ في "الكتاب"، فإنه اسمٌ معربٌ دخل فيه حرفُ الجر فلا وجه لنصبه.
قوله: ("لا مساس" بوزن "فجارٍ")، قال ابن جني: قرأها أبو حيوة. وأما قراءةُ الجماعة: (لا مِسَاسَ) فواضحةٌ. وفي هذه القراءة نظرٌ، وذلك بأنها كنزال ودراك وحذار، وليس هذا الضرب من الكلام. أعني: ما سُمي به الفعلُ مما يدخل فيه "لا" النافية للنكرة، نحو: لا رجُل عندك، فـ"لا" إذن في قوله: (لا مِسَاسَ) نفيٌ للفعل، كقولك: لا أمسُّك ولا أقربُ منك.
قوله: (فلا عباب)، علمٌ للعبةِ، من: عب الماء: شربه من غير مص، والأبابُ: علمٌ للأبة، من الأب: الطلب، يصفُ الظباء بالصبر عن الماء، أي: إذا وردت الماء فلا تفعل العبَّ، وإذا لم ترد لم تفعل الأب. قال الميداني: يقال: إن الظباء إذا أصابت الماء لم تعب فيه، وإن لم تصبه لم تؤب إليه، أي: لم تتهيأ لطلبه، يقال: أب يؤب أبا: إذا قصد وتهيا. قال: وليس شيءٌ من الوحوش من الظباء والنعام والبقر يطلبُ الماء إلا أن ترى الماء قريباً منه فترده، وإن تباعد عنها لم تطلبه، ولم ترده كما يردُ الحمير، يُضربُ للرجل يُعرضُ عن الشيء استغناء.