أن يكون موسى قد أراه آياته وعدّد عليه ما أوتيه غيره من الأنبياء من آياتهم ومعجزاتهم، وهو نبىّ صادق لا فرق بين ما يخبر عنه وبين ما يشاهد به، فكذبها جميعا (وَأَبى) أن يقبل شيئا منها. وقيل:

فكذب الآيات وأبى قبول الحق.

(قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى) [طه: 57].

يلوح من جيب قوله (أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أن يكون موسى قد أراه)، والإضافة على هذا بمعنى اللام الاستغراقي، ومعنى (أَرَيْنَاهُ): عرفناه؛ لأنه قدرٌ مشتركٌ بين الإراءة بالبصر بالنسبة إلى الآيات التي أظهرها الله علىي د موسى وبني الإراءة التي هي الإعلام والإخبار بالنسبة إلى ما أوتيه غيره، ولهذا قال: لا فرق بين ما يخبر عنه وبين ما يشاهد به. قال القاضي: (كُلَّهَا) تأكيدٌ لشمول الأنواع أو لشمول الأفراد على أن المراد بآياتنا: آياتٌ معهودةٌ، هي الآياتُ التسعُ المختصةُ بموسى، وأنه عليه السلام أراه آياته وعدد عليه ما أوتي غيره من المعجزات. وقال السجاوندي: (كُلَّهَا) أي: كل أجناس الآيات، إيجادُ المعدوم كإيجاد الضوء من اليد، وإعدام الموجود كإعدام حبال السحرة، وتغيير الموجود كقلب العصا حيةً وإعادتها حيةً.

قوله: (بين ما يشاهد به)، بكسر الهاء، أي: يحاضر به ويريه، قاله نور الدين الحكيم.

قوله: (وقيل: فكذب)، عطفٌ على "فكذبهما جميعاً"، يعني: (أَبَى)، حذف مفعوله إما بواسطة القرينة الظاهرة أو المعنوية، فعلى الأول: "أبى": تتميمٌ، وعلى الثاني: تكميل؛ لأن الحق أعمُّ من المعجزات.

قوله: (يلوحُ من جيب قوله)، الرواية: "جيب" بالجيم والباء الموحدة، ويُروى: "من خيث" بالخاء المعجمة والثاء المثلثة، وهو تصحيفٌ، والصحيح الأول، وقد تضمنت الاستعارة الموشحة بالترشيح، وذلك أن قوله: (لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا) فيه إظهارُ تجلدٍ من اللعين للقوم، وفي ضمنه استشعارُ خوفٍ عظيم، وقوله: " (بِسِحْرِكَ): تعميةٌ وإلباسٌ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015