كفاتهم إذا ماتوا. ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تمسحوا بالأرض فإنها بكم برّة».

(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى) [طه: 56].

(أَرَيْناهُ) بصرناه أو عرفناه صحتها ويقناه بها. وإنما كذب لظلمه، كقوله تعالى (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا)] النمل: 14 [وقوله تعالى (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ)] الإسراء: 102 [وفي قوله تعالى (آياتِنا كُلَّها) وجهان، أحدهما: أن يحذى بهذا التعريف الإضافى حذو التعريف باللام لو قيل الآيات كلها، أعنى أنها كانت لا تعطى إلا تعريف العهد، والإشارة إلى الآيات المعلومة التي هي تسع الآيات المختصة بموسى عليه السلام: العصا، واليد، وفلق البحر، والحجر، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ونتق الجبل. والثاني:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كفاتهم إذا ماتوا)، هو من قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً) [المرسلات: 25]، قال: الفاتُ من كفت الشيء: إذا ضمه وجمعه، وهو اسم ما يكفتُ أي: كافتةً أحياءً وأمواتاً.

قوله: (بصرناه أو عرفناه صحتها)، يعني: يجوزُ أن يكون (أَرَيْنَاهُ) من الرؤية بمعنى الإبصار، وأن يكون من الرؤية بمعنى المعرفة، وعلى التقديرين متعد إلى مفعولين، وعلى الثاني المضاف محذوفٌ، ولا يجوز أن تكون الرؤية بمعنى العلم؛ لئلا يلزم حذفُ المفعول الثالث من الإعلام وهو غير جائز.

قوله: (العصا واليد وفلقُ [البحر و] الحجر)، إلى آخره، وليس في "معالم التنزيل" ذكرُ الحجر ولا نتقِ الجبل، وفيه في روايةٍ عن ابن عباس رضي الله عنه: والعقدة التي كانت بلسانه فحلها، وفي رواية عكرمة: والسنون ونقصٌ من الثمرات، وفي رواية محمد بن كعبٍ: الطمسُ، وأما الحجرُ ونتقُ الجبل فغيرُ مناسبين؛ لأنهما من الآيات التي اختصت ببني إسرائيل بعد هلاك فرعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015