لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص: 55]! نعوذُ بالله من اللغو والجهل والخوض فيما لا يعنينا. أى: إن كان تسليم بعضهم على بعض، أو تسليم الملائكة عليهم لغوا، فلا يسمعون لغوا إلا ذلك، فهو من وادى قوله:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب
أو لا يسمعون فيها إلا قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة، على الاستثناء المنقطع. أو لأن معنى السلام هو الدعاء بالسلامة. ودار السلام: هي دار السلامة، وأهلها عن الدعاء بالسلامة أغنياء، فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث، لولا ما فيه من فائدة الإكرام.
من الناس من يأكل الوجبة. ومنهم من يأكل متى وجد. وهي عادة المنهومين. ومنهم من يتغدى ويتعشى، وهي العادة الوسطى المحمودة، ولا يكون ثم ليل ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشتغلين به مروا مُعرضين عنهم مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم والخوض معهم.
الراغب: اللغو من الكلام: ما لا يعتد به، وهو الذي يورد لا عن رويةٍ وفكر، فيجري مجرى اللغا، وهو: صوت العصافير ونحوها من الطيور. قال أبو عبيدة: يقال: لغوٌ ولغاً.
قوله: (لولا ما فيه من فائدة الإكرام)، اعلم أن أصل السلام: الدعاء بالسلام. قال المبرد: هو دعاء الإنسان بأن يسلم من الآفات في دينه ونفسه ويتخلص من المكروه، ثم فشا استعماله في الإكرام حتى لا يفهم غيره، ولهذا لو تركتها لحمل صاحبك على الإهانة.
قوله: (الوجبة) الجوهري: الموجب: الذي يأكل في اليوم والليلة مرةً. يقال: فلانٌ يأكل وجبةً، وعنه: النهمة: بلوغ الهمة في الشيء، وقد نهم فهو منهومٌ، أي: مولعٌ به، والنهم بالتحريك: إفراط الشهوة في الطعام.
قوله: (وهي العادة الوسطى المحمودة)، يريد أن أكل الوجبة من طرف التفريط