نهار، ولكن على التقدير، ولأن المتنعم عند العرب من وجد غداء وعشاء. وقيل: أراد دوام الرزق ودُروره، كما تقول: أنا عند فلان صباحا ومساء وبكرة وعشيا، تريد: الديمومة، ولا تقصد الوقتين المعلومين.
(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) [مريم: 63].
(نُورِثُ) وقرئ: (نورّث)، استعارة، أى: نبقى عليه الجنة كما نُبقى على الوارث مال المورّث، ولأنَّ الأتقياءَ يلقَوْن ربَّهم يوم القيامة قد انقضت أعمالهم وثمرتها باقية وهي الجنة، فإذا أدخلهم الجنة فقد أورثهم من تقواهم كما يورّث الوارث المال من المتوفى. وقيل: أورثوا من الجنة المساكن التي كانت لأهل النار لو أطاعوا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأكل على الدوام إفراطٌ، والوسطى هي المحمودة، والمراد بمن يأكل الوجبة: المسكين الذي يتقنع بالبُلغةِ دون العارف الذي يتعانى التقشف.
قوله: (ولأن المتنعم عند العرب) عطفٌ على قوله: "ولكن على التقدير"، أي: لا يكون ثمة ليلٌ ولا نهار، لكن يُقدران على ما أُلف في الدنيا أو لا يُقدرُ ذلك، فيكونُ كنايةً عن مجردٍ التنعم والتترف؛ لأن المتنعم عند العرب: من جد غداءً وعشاءً.
قوله: (ولأن الأتقياء يلقون ربهم): عطفٌ على قوله: "أي: نُبقي عليه الجنة" من حيث المعنى، فعلى الأول: (نُورِثُ): استعارة لنُبقي، كقوله صلواتُ الله عليه: "واجعله الوارث منا" أي: أبقهما، وعلى الثاني: أعمالهم وثمرتُها بمنزلة المورث وتركته كما أن المورث إذا قضى نحبه يبقى للوارث مالُه، كذلك أعمالهم تنقضي وتبقى ثمرتها لهم، وهي الجنة، وعلى الأول: استعارةٌ تبعية، على الثاني: تمثيلية.