قيل في (مَاتِيًّا) مفعول بمعنى فاعل. والوجه: أنّ الوعد هو الجنة وهم يأتونها. أو هو من قولك: أتى إليه إحسانا، أى: كان وعده مفعولا منجزا.
(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم: 62].
اللغو: فضول الكلام وما لا طائل تحته. وفيه تنبيه ظاهر على وجوب تجنب اللغو واتقائه، حيث نزه الله عنه الدار التي لا تكليف فيها. وما أحسن قوله سبحانه: (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) [الفرقان: 72]، (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لـ ((وعد)) بتقدير المضاف، والباء للسببية، أي: وعدها عباده بسبب تصديقهم الغيب وإيمانهم به.
قوله: (قيل في: (مَاتِيًا) مفعولٌ بمعنى: فاعل)؛ لأن وعد الله يأتي ولا يؤتى.
الراغب: مأتياًّ: مفعولٌ من أتيته. وقال بعضهم: معناه آتياً، وليس كذلك، بل يقال: أتيت الأمر، وأتاني الأمر، ويقال: أتيته بكذا وآتيته كذا، قال تعالى: (وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا) [البقرة: 25] (وآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) [النساء: 54].
قال أبو البقاء: و (مَاتِيًا) على بابه؛ لأن ما تأتيه فهو يأتيك، وقال: الوجه أن الوعد هو الجنة، والجنة تؤتى؛ لأن المكلفين يأتونها.
الأساس: أتى إليه إحساناً: إذا فعله، ووعد الله مأتيٌّ، وأتيت الأمر من مأتاه، أي: من وجهه. قال: البحتري:
أعد سنيني فارحاً بمرورها ... ومأتى المنايا من سني وأشهري
قوله: ((وإذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان: 72])، قال: إذا مروا بأهل اللغو