أعلاماً لمعاني: الفينة، والسَّحر، والأمس. فجرى مجرى العدن لذلك. أو هو علم لأرض الجنة، لكونها مكان إقامة، ولولا ذلك لما ساغ الإبدال، لأن النكرة لا تبدل من المعرفة إلا موصوفة، ولما ساغ وصفها ب (الَّتِي). وقرئ: (جنات عدن)، و (جَنّةُ عَدنٍ) بالرفع على الابتداء. أى: وعدها وهي غائبة عنهم غير حاضرة. أو هم غائبون عنها لا يشاهدونها. أو بتصديق الغيب والإيمان به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال في ((الأساس)): ولهم قاعةٌ واسعةٌ، وهي عرصة الدار، وأهل مكة يسمون أسفل الدار: القاعة، ويقولون: فلانٌ قعد في العلية، ووضع قماشه في القاعة، وعليه قول القاضي، حيث قال: (جَنَّاتِ عَدْنٍ): بدلٌ من الجنة بدل البعض لاشتمالها عليها.
قوله: (أعلاماً لمعاني الفينة)، قال ابن الحاجب: وضعوا للأوقات أعلاماً كما وضعوا للمعاني الموجودة، وإن لم تكن الأوقات شيئاً موجوداً إجراءً لها مجرى الأمور الموجودة، ولهذا قال: لمعاني الفينة. وقال أيضاً: إن وضع الأعلام للأوقات كوضعها في باب أسامة، لا كوضعها في باب زيدٍ وعمرو؛ لأنه يصح استعمالها لكل فردٍ من الأوقات المخصوصة، كما يصح استعمال أسامة وفينة وقتك الذي أنت فيه.
وقيل: ليس المراد بها الآن، وإنما يراد بها الساعة. يقال: فلان يأتي فينةً بعد فينة، أي: ساعةً بعد ساعة، وقال الجوهري: الفينات: الساعات، يقال: لقيته الفينة بعد الفينة، أي: الحين بعد الحين.
قوله: (وهي غائبةٌ عنهم)، يريد أن قوله: (بِالْغَيْبِ) إما: حالٌ من المفعول الأول ل ((وعد))، وهو الضمير الراجع إلى ((جنات)) وهو محذوفٌ، فالتقدير: وعدها وهي غائبةٌ عنهم، أو: حالٌ من المفعول الثاني وهو ((عبادة)) فالتقدير: وهم غائبون عنها، أو: صلةٌ