فكان بمنزلة قولك: زيد ظني مقيم، وقيل في قراءة أبىّ وعبد الله: (كل سفينة صالحة).

[(وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً* وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَاوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)].

وقرأ الجحدري: (فكان أبواه مؤمنان)، على أن «كان» فيه ضمير الشأن، (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) فخفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين طغيانا عليهما، وكفرا لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه، ويلحق بهما شرا وبلاء، أو يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره، فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر. أو يعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه ويطغيا ويكفرا بعد الإيمان، وإنما خشي الخضر منه ذلك؛ لأن الله تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سر أمره. وأمره إياه بقتله كاخترامه لمفسدة عرفها في حياته. وفي قراءة أبىّ: (فخاف ربك)، والمعنى: فكره ربك كراهة من خاف سوء عاقبة الأمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمساكين، ثُم بيَّن مناسبة هذا السبب بذكر عادة الملك في غصب السفن الصحيحة، وهذا هو الترتيب: أن يرتب الحكم على سبب ثُم يوضح المناسبة فيما بعدُ، فلا يُحتاج إلى جعلهِ متقدماً، وقلت: هذا هو الوجه.

قوله: (زيدٌ ظني مقيمٌ)، قال المصنف: الظن يتعلق بالطرفين، بالمبتدأ والخبر جميعاً، كما أن التعليل في (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا) متعلقٌ بالمسكنة والغصب، فوسط بينهما.

قوله: (كاخترامه)، الجوهري: اخترمهم الدهر: اقتطعهم واستاصلهم، وخو خبرٌ، والمبتدأ: "أمرُه"، هذا بناء على رعاية الأصلح، يعني جواز أمر الله تعالى الخضر بقتل الغلام لرعاية الأصلح لجواز إهلاك الله واستئصاله إياه لمفسدة عرفها الله في حياته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015