فغيره، ويجوز أن يكون قوله: (فَخَشِينا) حكاية لقول الله تعالى، بمعنى: فكرهنا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ويجوز أن يكون (فَخَشِينَا) حكاية لقول الله عز وجل) عطفٌ على قوله: "وإنما خشي الخضر منه"، المعنى: أن الله تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سره وقال له: اقتل الغلام؛ لأنا نكره كراهية من خاف سوء العاقبة أن يُغشي الغلام الوالدين المؤمنين طغياناً وكفراً، ولما قال الخضر: (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ) جعل قول الله تعالى: (فَخَشِينَا) إيماء إلى اضمحلال إرادته في إرادة الله، وإعلاماً بأن علمه مقتبسٌ من المشكاة القدسية، ولا شوب فيه لرأيه، وتحقيقاً لقوله: (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً). روى السلمي عن الواسطي: الخضر شاهد الملك، وشاهد موسى الوسائط، كأنه أخبر الخضر أن السؤال نمه سؤال من الله، أي: لا تشهد الأسباب واشهد المسبب تسترح من هواجس النفس.

وأما على الوجه الآخر: فهو عليه السلام إنما عظم نفسه؛ لأنه اختص من عند الله بموهبة لا يختص بها إلا من هو من خواص الحضرة، قال الإمام: إنه عليه السلام لما ذكر العيب أضافه إلى نفسه، وأضاف الرحمة في قوله: (فَأَرَادَ رَبُّكَ) إلى الله تعالى، على نحو (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة: 7]، وعند القتل عظم نفسه تنبيهاً على أنه من العظماء في علوم الحكمة.

وقلت: ويمكن أن يقال: إن في اختلاف الضمائر رمزاً إلى الترقي إلى معارج القدس، والتدرج إلى مخدع الفناء، ففي "أردتُ" إثبات، وفي (فَخَشِينَا) ثبوتٌ منه، وفي (فَأَرَادَ رَبُّكَ) فناءٌ محضٌ كقوله تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) [الأنفال: 17].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015