[(قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَاوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)].

فإن قلت: (هذا) إشارة إلى ماذا؟ قلت: قد تصوّر فراق بينهما عند حلول ميعاده على ما قال موسى عليه السلام: (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني)، فأشار إليه وجعله مبتدأ وأخبر عنه، كما تقول: هذا أخوك، فلا يكون «هذا» إشارة إلى غير الأخ ويجوز أن يكون إشارة إلى السؤال الثالث، أي: هذا الاعتراض سبب الفراق، والأصل: هذا فراق بيني وبينك، وقد قرأ به ابن أبى عبلة، فأضيف المصدر إلى الظرف كما يضاف إلى المفعول به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهو: إما افتعل من "تخذ" أو من الأخذ، وأصله: أيتخذ، فأُبدلت اياء تاء وأُدغمت، وأصلُ الياء همزة.

قوله: (هذا أخوك، فلا يكون "هذا" إشارة إلى غير الأخ)، قال ابن الحاجب في "الأمالي": المشار إليه لا يشترط أن يكون موجوداً حاضراً، بل يكفي أن يكون موجوداً ذهناً، والدلل عليه قوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ) [القصص: 83] وهي معدومة، ومن شرط وجود المشار إليه، فهو حاصل.

وقال القاضي: الإشارة بهذا إلى الفراق المعهود بقوله: (فَلا تُصَاحِبْنِي). أو إلى الوقت، أي: هذا الوقتُ وقتُ الفراق.

قوله: (أي: هذا الاعتراض سببُ الفراق)، في تخصيصه دون الأولين الإشارة إلى أن الطمع أردأ الخصال، فإنه عليه السالم مهد عُذره فيهما لما في ظاهرهما من النفرة في جهة الإتلاف والإهلاك في الظاهر، وفي هذا الإهلاك من جهة الباطن وطلبُ حظ النفس، روى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015