الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قال: فأيّ عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغى علم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى، أو تردّه عن ردى. فقال: إن كان في عبادك من هو أعلم منى فادللني عليه. قال: أعلم منك الخضر. قال: أين أطلبه؟ قال: على الساحل عند الصخرة. قال: يا رب، كيف لي به؟ قال: تأخذ حوتا في مكتل، فحيث فقدته فهو هناك. فقال لفتاه: إذا فقدت الحوت فأخبرنى، فذهبا يمشيان، فرقد موسى، فاضطرب الحوت ووقع في البحر، فلما جاء وقت الغداء طلب موسى الحوت، فأخبره فتاه بوقوعه في البحر، فأتيا الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوبه، فسلم عليه موسى، فقال: وأنى بأرضنا السلام، فعرّفه نفسه، فقال: يا موسى، أنا على علم علمنّيه الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا. فلما ركبا السفينة جاء عصفور فوقع على حرفها فنقر في الماء فقال الخضر: ما ينقص علمى وعلمك من علم الله مقدار ما أخذ هذا العصفور من البحر (نَسِيا حُوتَهُما) أي نسيا تفقد أمره وما يكون منه مما جعل أمارة على الظفر بالطلبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الذي يبتغي علم الناس إلى علمه)، أي: الذي يضمُّ علم الناس إلى علمه مبتغياً له طالباً، على تضمين "يبتغي" معنى "يضمُّ". الجوهري: أبغيتك الشيء: أعنتك على طلبه، وأبغيتك الشيء: جعلتك طالباً له، وابتغيت الشيء وتبغيته: إذا طلبته.
قوله: (كيف لي به؟ ) أي: كيف يتهيأ ويتيسر لي أن أظفر به؟
قوله: (تأخذ حوتاً في مكتلٍ) إلى قوله: (العصفور من البحر) من حديث أبي بن كعب بالإسناد السابق، مع تغيير يسير.
النهاية: المكتل، بكسر الميم: الزنبيل الكبير، ويجمع على مكاتل.
قوله: (فحيث فقدته)، النهاية: فقدت الشيء أفقده: إذا غاب عنك.
قوله: (أي: نسيا تفقد أمره وما يكون منه، مما جُعل أمارةً على الظفر بالطلبة). "وما يكون منه": عطفٌ تفسيريٌّ على قوله: "تفقد أمره"، و"مِن"- في "مما جُعل أمارة"- بيان