وقيل: نسي يوشع أن يقدّمه، ونسى موسى أن يأمره فيه بشيء. وقيل: كان الحوت سمكة مملوحة. وقيل:
إن يوشع حمل الحوت والخبز في المكتل، فنزلا ليلة على شاطئ عين تسمى عين الحياة، ونام موسى، فلما أصاب السمكة برد الماء وروحه عاشت. وروى: أنهما أكلا منها. وقيل: توضأ يوشع من تلك العين فانتضح الماء على الحوت فعاش ووقع في الماء (سَرَباً) أمسك الله جرية الماء على الحوت فصار عليه مثل الطاق، وحصل منه في مثل السرب معجزة لموسى أو للخضر (فَلَمَّا جاوَزا) الموعد وهو الصخرة لنسيان موسى تفقد أمر الحوت وما كان منه.
ونسيان يوشع أن يذكر لموسى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ما"، وهو التوصية بأنه حيث فقدته فالخضر هناك.
قوله: (وقد قيل نسي يوشع أن يقدمه)، أي: يُقدم الحوت بين يدي موسى عيه السلام، ونسي موسى أن يأمره بإحضاره ليُشاهدا منه تلك الأمارة التي جُعلت لهما، وذلك أن موسى عيه السلام وُعد أن لقاء الخضر عند مجمع البحرين كما سبق، وأن فقدان الحوت علامة للقائه، فلما بلغ الموعد كان من حقهما أن يتفقدا أمر الحوت، أما الفتى فلكونه خادماً له، كان عليه أن يُقدمه بين يديه، وأما موسى فلكونه أميراً عليه، كان عليه أن يأمره بالإحضار، فنسي كل واحدٍ ما عليه، وإنما احتيج إلى التأويل لأن النسيان لا يتعلق بالدواب، كما سبق عن الراغب في تعريفه: النسيان: ترك ضبط ما استودعه، إما لضعف قلبه، وإما عن غفلةٍ أو عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكرُه.
قوله: (فانتضح الماء)، الجوهري: النضح: الرش، نضحت البيت أنضحه، بالكسر.
قوله: (وحصل منه في مثل السرب)، الأساس: ما حصل في يدي شيء منه، أي: ما رجع، وما حصلتُ منه على شيء، المعنى: ورجع من الماء في مثل السرب، و"في": تجريدية؛ لأنه انتزع من الماء شيئاً يُشبه السرب، نحو: رأيت زيداً في مثل الأسد. قال