والمطلع من يفعل (أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) أو أسير زمانا طويلا. والحقب ثمانون سنة. وروى أنه لما ظهر موسى على مصر مع بنى إسرائيل واستقرّوا بها بعد هلاك القبط، أمره الله أن يذكر قومه النعمة، فقام فيهم خطيبا فذكر نعمة الله وقال: إنه اصطفى نبيكم وكلمه. فقالوا له: قد علمنا هذا، فأى الناس أعلم؟ قال: أنا. فعتب الله عليه حين لم يردّ العلم إلى الله، فأوحى إليه: بل أعلم منك عبد لي عند مجمع البحرين وهو الخضر، وكان الخضر في أيام أفريدون قبل موسى عليه السلام، وكان على مقدمة ذى القرنين الأكبر، وبقي إلى أيام موسى. وقيل: إنّ موسى سأل ربه: أيّ عبادك أحب إليك؟ قال الذي يذكرني ولا ينساني. قال: فأىّ عبادك أقضى؟ قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراغب: (مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا) يجوز أن يكون "البينُ" مصدراً، أي: موضع المفترق.
قوله: (فقام فيهم خطيباً) إلى قوله: (عند مجمع البحرين)، ما يقربُ منه رواه الشيخان والترمذي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (وكان الخضر في أيام أفرديون)، قال ابن الأثير صاحب "الكامل في التاريخ": قولُ من قال: إن الخضر كان في أيام أفريدون وذي القرنين الأكبر قبل موسى بن عمران أشبه بالحديث، يعني الحديث الذي رواه أبي بن كعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمُ الخلق بالكائن من الأمور، فيحتمل أن يكون الخضرُ على مقدمة ذي القرنين قبل موسى عليه السلام وأنه شرب من ماء الحياة فطال عمره. ولم يرسل في أيام إبراهيم عليه السلام، وبُعث في أيام بشتاسب بن لهراسب.
وقال الإمام في "تفسيره": إن ذا القرنين ليس الإسكندر صاحب أرسطون؛ لأن الله تعالى مدحه في كتابه، وصاحب أرسطون ليس ممن يمدحه الله تعالى.