مكة (غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) لا يكون فيه شيءٌ من زرعٍ قط، كقوله: (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) [الزمر: 28] بمعنى: لا يوجد فيه اعوجاج، ما فيه إلا الاستقامة لا غير. وقيل للبيت: المحرم، لأنّ الله حرم التعرض له والتهاون به، وجعل ما حوله حرما لمكانه، أو لأنه لم يزل ممنعاً عزيزاً يهابه كل جبار، كالشئ المحرم الذي حقه أن يجتنب، أو لأنه محترم عظيم الحرمة لا يحل انتهاكه، أو لأنه حرّم على الطوفان أي: منع منه، كما سمي "عتيقاً" لأنه أعتق منه فلم يستول عليه (لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) اللام متعلقة بـ (أسكنت)، أي: ما أسكنتهم هذا الوادي الخلاء البلقع من كل مرتفق ومرتزق، إلا ليقيموا الصلاة عند بيتك المحرم، ويعمروه بذكرك وعبادتك،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لا يكون فيه شيء من زرع قط)، هذه المبالغة يفيدها معنى الكناية، لأن نفي ذي الزرع يستلزم كون الوادي غير صالح، لأنه نكرة في سياق النفي.

قوله: (انتهاكه)، الجوهري: "انتهاك الحرمة: تناولها بما لا يحل".

قوله: (ما أسكنتهم ... إلا ليقيموا الصلاة) إلى آخره، هذا الحصر وتلك الفوائد إنما يفيدها تكرير ذكر (رَبَّنَا)، لأنه للاهتمام بشأن المدعو المطلوب، وجعل (لِيُقِيمُوا) علة للإسكان بواد موصوف بهذين الوصفين؛ كونه غير ذي زرع، وكونه عند بيتك المحرم، يعني: لا يختار أحد مثل هذا الموضع إلا للانقطاع للعبادة والتبتل إلى الله، والتبرك به لشرفه، وخص الصلاة لأنها عمود الدين.

قوله: (البلقع)، الجوهري: "البلقع والبلقعة: الأرض القفر التي لا شيء بها".

قوله: (مرتفق ومرتزق)، الأساس: "ارتفقت به: انتفعت به، تقول: بكرمك أثق، وعلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015