وما تعمر به مساجدك ومتعبداتك، متبركين بالبقعة التي شرفتها على البقاع، مستسعدين بجوارك الكريم، متقربين إليك بالعكوف عند بيتك، والطواف به، والركوع والسجود حوله، مستنزلين الرحمة التي آثرت بها سكان حرمك.

(أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ) أفئدة من أفئدة الناس، ومن للتبعيض، ويدل عليه ما روي عن مجاهد: لو قال أَفئدة الناس لزحمتكم عليه فارس والروم، وقيل: لو لم يقل: (مِنْ) لازدحموا عليه حتى الروم والترك والهند. ويجوز أن يكون (مِنْ) للابتداء، كقولك: القلب منى سقيم، تريد قلبي، فكأنه قيل: أفئدة ناس، وإنما نكرت المضاف إليه في هذا التمثيل لتنكير (أفئدة)، لأنها في الآية نكرة ليتناول بعض الأفئدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سؤددك أرتفق، ومنه قوله تعالى: (وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) [الكهف: 31]، ويقال: ما فيها مرفق من مرافق الدار؛ نحو المتوضأ والمطبخ".

قوله: (القلب مني سقيم)، والظاهر أنه مثل قوله تعالى: (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) [مريم: 4]، لكنه جعله ابتدائية لتفخيم الأمر، كأنه قيل: نشأ سقم هذا العضو الذي يصلح بصلاحه البدن، ويفسد بفساده مني ومن جهتي، فعلى هذا: التعريف في (النَّاسَ) للجنس، والمراد قوم مخصوصون، أي: نشأ جعل الأفئدة مائلة إلى جهة الكاملين من الناس.

قوله: (وإنما نكرت المضاف إليه في هذا التمثيل)، أي: في "الكشاف" في قوله: "فكأنه قيل: أفئدة ناس"، وفي الآية معرفة؛ ليتناول بعض الأفئدة، قال صاحب "الفرائد": لا يحتاج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015