فإن قلت: علام انتصب (سِرًّا وَعَلانِيَةً)؟ قلت: على الحال، أي: ذوي سرّ وعلانية، بمعنى: مسرين ومعلنين. أو على الظرف؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: يمكن أن يقال: إنه ليس نظير ذلك، لأن حذفاً فيه جائز، ألا ترى إلى حذف اللام عن الحاضر. وقال المصنف في قراءة من قرأ: (فَبِذَلِكَ فلتَفرَحُوا) - بالتاء: "هو الأصل والقياس"، وقد ذكرت عن ابن جني هناك: أن أصل الأمر أن يكون بحرف الأمر، وهو اللام، لكن لما كثر أمر الحاضر حذفوه تخفيفاً، ودل حاضر الحال على أن المأمور هو الحاضر المخاطب، فحذفوا حرف المضارعة، فلما حذفوا حرف المضارعة بقي ما بعده في أكثر الأمر ساكناً، فاحتيج إلى همزة ليقع الابتداء بها، فقيل: اذهب، ويدلك على تمكن أمر الحاضر أنك لا تأمر الغائب بنحو: "صه" و"مه" و"إيه" و"دونك" و"حيهل". تم كلامه.
وإذا جاز أن تحذف اللام في الحاضر لكثرة الاستعمال جاز أن تحذف في الغائب لدلالة قرائن الأحوال، فصح قول الزجاج: "جاز أن يقال: قل لزيد: يضرب عمراً، ولا يجوز: يضرب زيد عمراً، لأن لام الغائب ليس لها عوض إذا حذفتها"، وإليه أشار المصنف بقوله: "لأن لام الأمر الذي هو "قُل" عوض منه".
ومثله في النيابة عن الجار الإضافة، قال الدار الحديثي: إن المضاف في "غلام زيد" عمل الجر لنيابته عن حرف الجر لفظاً لأنه في موضعه، كذلك ها هنا.