وجوزوا أن يكون: (يقيموا) (وينفقوا)، بمعنى: ليقيموا ولينفقوا، ويكون هذا هو المقول، قالوا: وإنما جاز حذف اللام، لأنّ الأمر الذي هو (قُلْ) عوض منه، ولو قيل: "يقيموا الصلاة وينفقوا" ابتداء بحذف اللام، لم يجز.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وجوزوا أن يكون (يُقيِمُوا) (وَيُنفِقُوا) بمعنى: ليقيموا ولينفقوا)، قال الزجاج: "وجائز أن يجزم باللام المحذوفة، لأن الأمر دل على الغائب، تقول: قل لزيد: ليضرب عمراً، وإن شئت قلت: قل لزيد: يضرب عمراً، ولا يجوز: يضرب زيد عمراً، لأن لام الغائب ليس لها عوض إذا حذفتها"، وذكر أبو البقاء نحوه.

وقال صاحب "الإنصاف": وفائدة التزام اللام في الغائب: التنبيه بها على أن الصيغة أمر، فلما علم الأمر لمخاطب افتقر ما سواه إلى اللام من غائب ومتكلم وغير الفاعل في مثل: ليقم زيد لأقم أنا، ليضرب عمرو، فتقدير "قل" يغني عنها، لأن ذلك يرشد إلى أن المأمور مبلغ غير مخاطب، فقام مقام اللام. هذا أجود الأوجه في إعراب الآية واختيار الزجاج، والزمخشري تبرأ من عهدته ترجيحاً للأول.

وقلت: نبه على بيان تبرئة صاحب "المفتاح" حيث قال: "إضمار الجازم نظير إضمار الجار"، يعني: أنه شاذ، نحو قول رؤبة: خير، لمن قال له: كيف أصبحت؟ ثم قال: "فانظر! "، أي: انظر إلى شذوذه، ولا تحمل الآية عليه، بل على أن الجواب على تقدير "قل لعبادي: "أقيموا الصلاة وأنفقوا" فإنك إن قلت لهم: أقيموا وأنفقوا؛ يقيموا وينفقوا".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015