أي: وقتي سر وعلانية، أو على المصدر، أي: إنفاق سرٍّ وإنفاق علانية، المعنى: إخفاء المتطوع به من الصدقات والإعلان بالواجب.
والخلال: المخالة. فإن قلت: كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ)؟ قلت: من قِبَلِ أنّ الناس يخرجون أَموالهم في عقود المعاوضات، فيعطون بدلاً ليأخذوا مثله، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أَمثالها أو خيراً منها. وأمّا الإنفاق لوجه الله خالصا كقوله تعالى: (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى* إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [الليل: 20]- فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص، فبعثوا عليه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال، أي: لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالة، ولا بما ينفقون به أَموالهم من المعاوضات والمكارمات، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله. وقرئ: (لا بيع فيه ولا خلال) بالرفع.
[(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه (لا بيعَ فيه ولا خِلالَ))، يعني: أي فائدة في تقييد الإنفاق بقوله: (مِن قَبْلِ أَن يَاتِيَ يَوْمٌ)؟
وأجاب: أن وجوه الإنفاق وأغراضها متعددة، مثل: أخذ البدل، وحسن الأحدوثة، واستجرار المثل في العاجل، والثواب في الآجل، فقيد بهذا الأخير ليختص به.
وتلخيصه: أن الخطاب ليس عاماً، بل هو مع قوم مخصوصين، ووصف اليوم بذلك لمزيد البعث على الإنفاق، فإنهم لما جزموا وأيقنوا مجيئه، وعلموا أنه يوم لا ينفع فيه عمل، اغتنموا الفرصة في الإنفاق لوجه الله.
قوله: (وقرئ: (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) بالرفع)، كلهم إلا ابن كثير وأبا عمرو.