كما تقول: سعيت في حاجة فلان، واجتهدت في تحصيل غرضه. ويجب أن أسعى، وينبغي لي أن لا أقصر.
ويجوز أن يراد: ما نبغي وما ننطق إلا بالصواب فيما نشير به عليك من تجهيزنا مع أخينا، ثم قالوا: (هذه بضاعتنا) نستظهر بها (ونمير أهلنا) ونفعل ونصنع، بياناً لأنهم لا يبغون في رأيهم وأنهم مصيبون فيه، وهو وجه حسن واضح.
(ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أي: ذلك مكيل قليل لا يكفينا، يعنون: ما يكال لهم، فأرادوا أن يزدادوا إليه ما يكال لأخيهم. أو يكون ذلك إشارة إلى (كيل بعير)، أي: ذلك الكيل شيء قليل يجيبنا إليه الملك ولا يضايقنا فيه، أو سهل عليه متيسر لا يتعاظمه. ويجوز أن يكون من كلام يعقوب، وأن حمل بعير واحد شيء يسير لا يخاطر لمثله بالولد، كقوله (ذلِكَ لِيَعْلَمَ) [يوسف: 52].
[(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَاتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)].
(لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ) مناف حالي- وقد رأيت منكم ما رأيت-: إرساله معكم، (حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ) حتى تعطوني ما أتوثق به من عند الله،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كقوله: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ))، يعني: كما أن قوله: (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) يحتمل أن يكون من كلام يوسف، وأن يكون من كلام زليخا، كذلك قوله: (ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) احتمل أن يكون من كلام الأخوة، وأن يكون من كلام أبيهم.
قوله: (إرساله معكم)، متعلق بقوله: "مناف لحالي"، وقوله: "وقد رأيت منكم ما رأيت" إما حال أو جملة معترضة، قال في "الانتصاف": "لما اعتمد في نفي الرؤية على أن