أراد أن يحلفوا له بالله: وإنما جعل الحلف بالله موثقاً منه؛ لأن الحلف به مما تؤكد به العهود وتشدّد. وقد أذن الله في ذلك فهو إذن منه (لَتَاتُنَّنِي بِهِ) جواب اليمين، لأن المعنى: حتى تحلفوا لتأتننى به (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) إلا أن تغلبوا فلم تطيقوا الإتيان به. أو إلا أن تهلكوا.

فإن قلت: أخبرنى عن حقيقة هذا الاستثناء ففيه إشكال؟ قلت: (أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) مفعول له، والكلام المثبت الذي هو قوله (لَتَاتُنَّنِي بِهِ) في تأويل النفي. معناه: لا تمتنعون من الإتيان به إلا للإحاطة بكم، أى: لا تمتنعون منه لعلةٍ من العلل إلا لعلةٍ واحدة، وهي أن يحاط بكم، فهو استثناء من أعم العام في المفعول له، والاستثناء من أعم العام لا يكون إلا في النفي وحده، فلا بد من تأويله بالنفي. ونظيره من الإثبات المتأوّل بمعنى النفي قولهم: أقسمت بالله لما فعلت وإلا فعلت،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"لن" تأكيد للنفي، فإذا قلت: لن أفعل، فالمعنى: لن أفعله، وأن فعله ينافي حالي، قال: مناف لحالي".

قوله: (وقد أذن الله في ذلك، فهو إذن منه)، تفسير لموقع (مِنَ اللهِ) في قوله تعالى: (مَوْثِقاً مِنْ اللَّهِ).

قوله: (أقسمت بالله لما فعلت)، روي عن المصنف أنه قال: "أقسمت" هو إثبات في الظاهر، وليس به، لأنه في معنى النفي، وقسم وليس بقسم، لأنه في معنى الاستدعاء والطلب، وظاهر "لما" الوقت، وليس بوقت، لأنه في معنى الاستثناء، وما بعده فعل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015