لعله يرحمني وينتاشني من هذه الورطة (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ) فأنسى الشرابي (ذِكْرَ رَبِّهِ) أن يذكره لربه. وقيل فأُنسي يوسف ذكر الله حين وكل أمره إلى غيره (بِضْعَ سِنِينَ) البضع: ما بين الثلاث إلى التسع، وأكثر الأقاويل على أنه لبث فيه سبع سنين.

فإن قلت: كيف يقدر الشيطان على الإنسان؟ قلت: يوسوس إلى العبد بما يشغله عن الشيء من أسباب النسيان، حتى يذهب عنه ويزل عن قلبه ذكره، وأما الإنساء ابتداءً فلا يقدر عليه إلا الله عز وجل (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة: 106].

فإن قلت: ما وجه إضافة "الذكر" إلى "ربه" إذا أريد به الملك؟ وما هي بإضافة المصدر إلى الفاعل ولا إلى المفعول؟ قلت: قد لابسه في قولك: فأنساه الشيطان ذكر ربه، أو عند ربه فجازت إضافته إليه، لأنّ الإضافة تكون بأدنى ملابسة. أو على تقدير: فأنساه الشيطان ذكر أخبار ربه، فحذف المضاف الذي هو الإخبار.

فإن قلت: لم أنكر على يوسف الاستغاثة بغير الله في كشف ما كان فيه، وقد قال الله تعالى: (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) [المائدة: 2]، وقال حكايةً عن عيسى عليه السلام: (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ) [آل عمران: 52]،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ينتاشني من هذه الورطة)، أي: يخلصني، النهاية: "وفي حديث عائشة تصف أباها رضي الله عنهما: "فانتاش الدين بنعشه"، أي: استدركه"، واستنقذه، وتناوله، وأخذه من مهواته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015