وفي الحديث «الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم»، «من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عنه كربة من كربات الآخرة»، وعن عائشة رضي الله عنها: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذه النوم ليلة من الليالي، وكان يطلب من يحرسه حتى جاء سعد فسمعت غطيطه". وهل ذلك إلا مثل التداوي بالأدوية والتقوّى بالأشربة والأطعمة؟ ! وإن كان ذلك لأنّ الملك كان كافراً، فلا خلاف في جواز أن يستعان بالكفار في دفع الظلم والغرق والحرق ونحو ذلك من المضارّ.
قلت: كما اصطفى الله تعالى الأنبياء على خليقته فقد اصطفى لهم أحسن الأمور وأفضلها وأولاها والأحسن والأولى بالنبي أن لا يكل أمره إذا ابتلي ببلاء إلا إلى ربه، ولا يعتضد إلا به، خصوصاً إذا كان المعتضد به كافراً، ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الله في عون العبد)، الحديث بطوله أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها: فأورده البخاري ومسلم والترمذي: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر مقدمه المدينة ليلة، فقال: ليت رجلاً صالحاً يحرسني الليلة، قال: فبينا نحن كذلك إذ سمعنا خشخشة سلاح، فقال: من هذا؟ قال: أنا سعد بن أبي وقاص، وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت أحرسه، فدعا له، ثم نام".
قوله: (وإن كان ذلك)، عطف على قوله: "لم أنكر على يوسف الاستعانة في كشف ما كان؟ " أي: إن كان الإنكار لمطلق الاستعانة فليس كذلك، لأن الله تعالى قال: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة: 2] إلى آخره، وإن كان ذلك لأن الملك كان كافراً فكذا، إلى آخره.