(ما تَعْبُدُونَ) خطابٌ لهما ولمن على دينهما من أهل مصر (إِلَّا أَسْماءً) يعني أنكم سميتم ما لا يستحق الإلهية آلهةً، ثم طفقتم تعبدونها، فكأنكم لا تعبدون إلا أسماء فارغة لا مسميات تحتها. ومعنى (سَمَّيْتُمُوها) سميتم بها. يقال: سميته بزيد، وسميته زيداً (ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها) أي: بتسميتها (مِنْ سُلْطانٍ) من حجة (إِنِ الْحُكْمُ) في أمر العبادة والدين (إِلَّا لِلَّهِ) ثم بين ما حكم به فقال: (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) الثابت الذي دلت عليه البراهين.

[(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَاكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَاسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ)].

(أَمَّا أَحَدُكُما) يريد الشرابي (فَيَسْقِي رَبَّهُ) سيده. وقرأ عكرمة: "فيسقى ربه" أي: يسقى ما يروى به على البناء للمفعول. روي أنه قال للأوّل: ما رأيت من الكرمة وحسنها هو الملك وحسن حالك عنده، وأما القضبان الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تمضى في السجن، ثم تخرج وتعود إلى ما كنت عليه، وقال للثاني: ما رأيت من السلال ثلاثة أيام ثم تخرج فتقتل (قُضِيَ الْأَمْرُ) قطع وتم ما (تَسْتَفْتِيانِ) فيه من أمر كما وشأنكما.

فإن قلت: ما استفتيا في أمر واحد، بل في أمرين مختلفين، فما وجه التوحيد؟ قلت: المراد بالأمر ما اتهما به من سمّ الملك وما سجنا من أجله،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لا مسميات تحتها)، صح بالكسر، وهو مبني على ما ينصب به، وعند الأخفش: مبني على الفتح.

قوله: (المراد بالأمر: ما اتهما به من سم الملك)، إشارة إلى قوله تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً) [يوسف: 36] الآية، وتفسيره له: "دخل معه السجن عبدان للملك، رقي إليه أنهما يسمانه، فأمر بهما إلى السجن" إلى آخره، كأنهما حين عرضا المنامين عليه طلبا منه تنزيلهما على شأنهما وقصتهما من التهمة، وإيقاعهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015