فوصف نفسه بما هو بصدده، وغرضه أن يقتبس منه وينتفع به في الدين، لم يكن من باب التزكية.

(بِتَاوِيلِهِ) ببيان ماهيته وكيفيته، لأنّ ذلك بشبه تفسير المشكل والإعراب عن معناه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) الآية، لكن قدم عليه مقدمة الدعوة إلى التوحيد، لأنها أول ما يجب على الأنبياء، وبها بعثوا، ولها أمروا، فجعل قوله: (لا يَاتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ) إلى قوله: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) مخلصاً إلى قوله: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ)، والمخلص: هو الرابطة بين الكلامين الأجنبيين، فتعلقه بالجواب من حيث إن تأويل الأحاديث من المغيبات وهنا كالمقدمة له ليوطن أنفسهما لقبول ما يرد بعده من الجواب وجعله مخلصاً لمطلوبه وإيذاناً بأن العلم بالمغيبات من المواهب التي اختصها الله بالمرتضين من الرسل، والمخلصين من عباده، وجعلت ذريعة إلى الشروع في إثبات التوحيد، ونفي الشرك عن نفسه، على سبيل الاستدراج وإرخاء العنان، لئلا يلبس له جلد النمر إذا ابتدأ بقوله: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).

وأدمج في المقدمة الرخصة في تزكية النفس عند الاحتياج، يدل عليه قوله: "وفيه أن العالم إذا جهلت منزلته في العلم، فوصف نفسه بما هو بصدده، لم يكن من باب التزكية".

ففي الجواب التخلص إلى توخي المطلوب من إثبات التوحيد والنبوة، والاستدراج إلى إسماع الحق، والإدماج لمعنى التزكية.

قوله: ((بِتَاوِيلِهِ) ببيان ماهيته وكيفيته)، النهاية: "التأويل: من: آل الشيء يؤول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015