قلت: إلى ما قصا عليه، والضمير يجرى مجرى اسم الإشارة في نحوه كأنه قيل: نبئنا بتأويل ذلك.

[(قالَ لا يَاتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّاتُكُما بِتَاوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَاتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ* وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ)].

لما استعبراه ووصفاه بالإحسان، افترص ذلك فوصل به وصف نفسه بما هو فوق علم العلماء، وهو الإخبار بالغيب، وأنه ينبئهما بما يحمل إليهما من الطعام في السجن قبل أن يأتيهما ويصفه لهما، ويقول: اليوم يأتيكما طعام من صفته كيت وكيت، فيجدانه كما أخبرهما، وجعل ذلك تخلصاً إلى أن يذكر لهما التوحيد ويعرض عليهما الإيمان ويزينه لهما، ويقبح إليهما الشرك بالله، وهذه طريقة على كل ذى علم أن يسلكها مع الجهال والفسقة، إذا استفتاه واحد منهم أن يقدم الهداية والإرشاد والموعظة والنصيحة أولاً، ويدعوه إلى ما هو أولى به وأوجب عليه مما استفتى فيه ثم يفتيه بعد ذلك، فيه أنّ العالم إذا جهلت منزلته في العلم،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ووصفاه بالإحسان)، أي: بقوله: (إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ)، أي: من العلماء، الجوهري: "هو يحسن الشيء؛ أي: يعلمه"، وذلك أنهما سمعا يوسف يذكر للناس ما يعلم منه أنه عالم، فلما سمع يوسف هذا وصل به قوله: (لا يَاتِيكُمَا طَعَامٌ) إلى آخره؛ ليريهم أن علمه فوق ما يعلمه العلماء.

قوله: (وجعل ذلك تخلصاً إلى أن يذكر لهما التوحيد)، أي: جعل وصف نفسه بالعلم الفائق وسيلة إلى ذكر التوحيد، وذلك أن الجواب عن فتواهم هو قوله: (يَا صَاحِبَيِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015