كأنه كان مظاهراً بينها.

(لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً): لمن وراءك من الناس علامة، وهم بنو إسرائيل، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق. وروى أنهم قالوا: "ما مات فرعون ولا يموت أبداً". وقيل: أخبرهم موسى بهلاكه فلم يصدّقوه، فألقاه الله على الساحل حتى عاينوه، وكأن مطرحه كان على ممرّ من بني إسرائيل حتى قيل: (لمن خلفك). وقيل: (لِمَنْ خَلْفَكَ): لمن يأتي بعدك من القرون.

ومعنى كونه آية: أن تظهر للناس عبوديته ومهانته، وأنّ ما كان يدّعيه من الربوبية باطل محال، وأنه - مع ما كان فيه من عظم الشأن وكبرياء الملك - آل أمره إلى ما ترون، لعصيانه ربه عز وجل، فما الظنّ بغيره؟ أو لتكون عبرة تعتبر بها الأمم بعدك، فلا يجترئوا على نحو ما اجترأت عليه إذا سمعوا بحالك وبهوانك على الله.

وقرئ: (لمن خلقك)، بالقاف؛ أي: لتكون لخالقك آية كسائر آياته.

ويجوز أن يراد: ليكون طرحك على الساحل وحدك، وتمييزك من بين المغرقين - لئلا يشتبه على الناس أمرك، ولئلا يقولوا لادعائك العظمة: إنّ مثله لا يغرق ولا يموت -: آية من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره، وليعلموا أنَّ ذلك تعمد منه؛ لإماطة الشبهة في أمرك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كان مظاهراً بينها): أي: ليس بعضها فوق بعض، الجوهري: "وظاهر بين ثوبين، أي: طارق بينهما وطابق".

قوله: (وكأن مطرحه كان على ممر بني إسرائيل): أي: على طريقهم الذي كانوا يؤمونه، فهم حينئذ خلفه، وهو قدامهم، لينظروا إليه، ويعتبروا، ويصدقوا قول موسى عليه السلام، ويشكروا نعمة الخلاص وهلاك العدو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015