. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: اللام إذا جُعلت مستعاراً على نحو قوله تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً) [القصص: 8] لا يضره أيضاً، وإليه الإشارة بقوله: "على أنهم جعلوا نعمة الله سبباً في الضلال"، كما قال الزجاج: ويُقرأ: "ليضلوا عن سبيلك"، المعنى: أنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا، وأصارهم ذلك إلى الضلال.
وأما وجه قوله: 0 رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً) على أمر الغائب: فهو أن موسى عليه السلام ما تكلم بها إلى توطئة وتمهيداً، ليتخلص منها إلى الدعاء عليهم، يعني: أنك أوليتهم هذه النعمة ليشكروك ولا يعبدوا غيرك، فما زادتهم تلك النعمة إلا أشراً وتمادياً في الطغيان، وإذا كانت الحالة هذه، فليضلوا عن سبيلك. ولو دعا عليهم ابتداء ربما لم يُعذر، فقدم الشكاية منهم والنعي بسوء صنيعهم، ليتسلق منه إلى الدعاء، مع مراعاة تلاؤم الكلام من إيراد الأدعية منسوقة نسقاً واحداً، ولا مجال للاعتراض؛ لأن الاعتراض حُسن موقعه من الكلام أن تلتذ النفس بسماعه، ولذلك عيب قول النابغة:
لعل زياداً - لا أبا لك - غافل
فليُذق ليدرك.