على أنهم جعلوا نعمة الله سبباً في الضلال، فكأنهم أوتوها ليضلوا، وقوله: (فَلا يُؤْمِنُوا) عطف على (ليضلوا)، وقوله: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) دعاء معترض بين المعطوف والمعطوف عليه.

وقرأ الفضل الرقاشي: "أإنك آتيت"؛ على الاستفهام، و"اطمس" بضم الميم.

[(قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) 89].

قرئ: "دعواتكما"، قيل: كان موسى يدعو وهارون يؤمّن.، ويجوز أن يكونا جميعاً يدعوان. والمعنى: إنّ دعاء كما مستجاب، وما طلبتما كائن، ولكن في وقته، (فَاسْتَقِيما): فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والزيادة في إلزام الحجة، فقد لبث نوح عليه السلام في قومه ألف عام إلا قليلا، ولا تستعجلا. قال ابن جريج: فمكث موسى بعد الدعاء أربعين سنة.

(وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي: لا تتبعا طريق الجهلة بعادة الله في تعليقه الأمور بالمصالح، ولا تعجلا فإن العجلة ليست بمصلحة، وهذا كما قال لنوح عليه السلام: (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) [هود: 46].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فَلا يُؤْمِنُوا) عطفٌ على (لِيُضِلُّوا): وقال مكي: " (فَلا يُؤْمِنُوا): عطف على (لِيُضِلُّوا)، وفي موضع نصب عند المبرد والزجاج، وقال الأخفش والفراء: منصوب؛ جواب الدعاء في قوله: (اطْمِسْ)، وقال الكسائي وأبو عبيدة: هو في موضع جزم، لأنه دعاء عليهم"، وقال أبو البقاء: " (فَلا يُؤْمِنُوا) نصبٌ؛ عطف على (لِيُضِلُّوا)، أو جواب الدعاء في قوله: (اطْمِسْ)، أو جزم، ومعناه الدعاء، كما تقول: لا تُعذبني".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015