. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التذكير والنصح وإبلاغ ما يجب عليه أن يبلغه، وأن القوم بلغوا الغاية في العناد، وإليه الإشارة بقوله: "فذكر أن توليهم لم يكن عن تفريط منه".

فإن قلت: لم خص المقام الأول بالتوكل، والثاني بالإسلام؟ فنقول- على لسان العارفين، والعلم عند الله تعالى-: إن مقام التسليم فوق مقام التوكل- وسيأتيك تصديقه في قوله تعالى: (فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) بُعيد هذا-، ولأن التوكل: كلة الأمر كله إلى مالكه، والتعويل على وكالته، ومن ثم جعل الله تعالى قوله: (فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ) مقدمة للجزاء، وهو قوله: (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) وبالغ فيه غاية المبالغة.

وقال المصنف: "إنما قال ذلك إظهاراً لقلة مبالاته، وثقته بما وعده ربه من كلاءته"، والتسليم وترك الأسباب التي تُزاحم العقول والأوهام. ومن ثم ذيل قوله: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ)، لقوله: (فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ).

قال العارف أبو [إسماعيل] عبد الله الأنصاري: "التوكل أصعب المنازل، والتسليم أعلى الدرجات"، وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري: "التوكل صفة المؤمنين، والتسليم صفة الأولياء، والتفويض صفة الموحدين. والتوكل صفة الأنبياء، والتسليم صفة إبراهيم - لقوله: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [البقرة: 131]-، والتفويض صفة نبينا محمد"، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015