(مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ): تمهروا فيه، من: مرن فلان عمله، ومرد عليه: إذا درب به وضرى عليه، حتى لان عليه ومهر فيه، ودلّ على مرانتهم عليه ومهارتهم فيه بقوله: (لا تَعْلَمُهُمْ)، أي: يخفون عليك مع فطنتك وشهامتك وصدق فراستك، لفرط تنوقهم في تحامى ما يشكك في أمرهم، ثم قال (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)، أي لا يعلمهم إلا الله، ولا يطلع على سرهم غيره، لأنهم يبطنون الكفر في سويداوات قلوبهم إبطانا، ويبرزون لك ظاهرا كظاهر المخلصين من المؤمنين، لا تشك معه في إيمانهم، وذلك أنهم مردوا على النفاق، وضروا به، فلهم فيه اليد الطولي.

(سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) قيل: هما القتل وعذاب القبر، وقيل: الفضيحة وعذاب القبر، وعن ابن عباس: أنهم اختلفوا في هاتين المرّتين، فقال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة فقال: "اخرج يا فلان فإنك منافق، اخرج يا فلان فإنك منافق"، فأخرج ناسا وفضحهم"، فهذا العذاب الأوّل، والثاني عذاب القبر.

وعن الحسن: أخذ الزكاة من أموالهم، ونهك أبدانهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي: من أهل المدينة قوم كذلك، (لا تَعْلَمُهُمْ) صفة أخرى، والعلم بمعنى المعرفة، يتعدى إلى مفعول واحد".

قوله: (إذا درب به وضري)، أي: مهر واعتاد.

قوله: (تنوقهم): تنوق: أي: تأنق، الأساس: "تنوق في الأمر، وفلان له نيقة. وفي المثل: خرقاء ذات نيقة، يُضرب لجاهل يدعي المعرفة".

قوله: (فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم): الفاء فصيحة، والتقدير: رُوي عن ابن عباس أنه قال: إن الصحابة اختلفوا فيهاتين المرتين على أقوال، وأنكر هذا الاختلاف، فقال: قام ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015