وعلى الوجه الأوّل: لا يخلو من أن يكون كلاما مبتدأ، أو صفة لـ (منافقون)، فصل بينها وبينه بمعطوف على خبره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"متى أضع العمامة تعرفوني": أي: بالصفة المذكورة التي هي انحسار الشعر، التقدير: أنا ابن رجل يقال له: جلا.
قال ابن الحاجب في "الأمالي": "معنى البيت هو: أنني أرتكب الأهوال ولا أجبن عنها، وقوله: "متى أضع العمامة تعرفوني": إما أن يُريد به كثرة المباشرة للحرب، فلا يراه الأكثر إلا بغير عمامة، فقال: متى أضع العمامة يعرفني الذي ما رآني إلا غير متعمم، أو يريد: إني مُكثر لمباشرة الحرب ولباس عدة الحرب، فمتى أضع العمامة وألبس آلة الحرب تعرفوني، يعني: إني إذا حاربت عُرفت بإقدامي وشجاعتي.
وأما قوله: "جلا" ففيه غير قول، تقديره: أنا ابن رجل جلا، فحذف الموصوف وأقيم الصفة مقامهن وقيل: إن "جلا" علمٌ غلب على أبيه، وقيل: إنما أراد أنا ابن ذي جلا، والجلا: انحسار الشعر عن مقدم الرأس".
قوله: (وعلى الوجه الأول: لا يخلو من أن يكون كلاماً مبتدأ): فيكون قوله: "من أهل المدينة" مع ما عُطف عليه خبرين لقوله: (مُنَافِقُونَ)، و (مَرَدُوا): إما استئناف على تقدير: ما حالهم وما ديدنهم، وأجب: (مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ)، أو صفة. قال أبو البقاء: " (مَرَدُوا) صفة للمنافقين، وقد فصل بينهما بقوله: (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) خبر مبتدأ محذوف،