(وَآخَرِينَ مِنْهُمْ) [الجمعة: 3]، وأوسط الحشر: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) [الحشر: 10]، وآخر الأنفال: (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ) [الأنفال: 75]. وروى: أنه سمع رجلا يقرؤه بالواو، فقال: من أقرأك؟ قال: أبىّ، فدعاه، فقال: أقرأنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنك لتبيع القرظ بالبقيع، قال: صدقت، وإن شئت قلت: شهدنا وغبتم، ونصرنا وخذلتم، وآوينا وطردتم. ومن ثم قال عمر: لقد كنت أرانا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.
وارتفع "السابقون" بالابتداء، وخبره (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)، ومعناه: رضي عنهم لأعمالهم، (وَرَضُوا عَنْهُ) لما أفاض عليهم من نعمته الدينية والدنيوية.
وفي مصاحف أهل مكة: "تجرى من تحتها"، وهي قراءة ابن كثير، وفي سائر المصاحف:
(تحتها)، بغير (من).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) [الجمعة: 2] إلى قوله: (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) [الجمعة: 3]، كما في قوله: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ) [الحشر: 10]، كذلك ينبغي أن يجري قوله: (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ).
قوله: (لتبيع القرظ): القرظ: ورق السلم يدبغ به، ومنه: أديم مقروظ.
قوله: (كنت أرانا رُفعنا)، النهاية: "أُرى: فعلٌ لم يسم فاعله، من: رأيت، بمعنى: ظننت، وهو يتعدى إلى مفعولين، فإذا بنيته إلى ما لم يسم فاعله تعدى إلى مفعول واحد، فقلت: أرى زيداً". ومعنى كلامه رضي الله عنه: إني كنت أظن أن المهاجرين هم السابقون فقط، حيث جعل "الذين اتبعوهم بإحسان" صفة للأنصار، فإذا الأنصار مثلنا في الرفعة ومنخرطون في سلك السابقين الأولين، والآيات التي جاء بها أبي مستشهداً دالة على أن المراد بـ "التابعين" غير "الأنصار".