. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأما حديث الهجرة الأولى: فعلى ما رواه ابن الجوزي: أنه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج إلى أرض الحبشة، فقال: إن بها ملاً لا يظلم الناس، فتحرزوا عنده حتى يأتيكم الله بفرج منه، فخرج جماعة، وكان خروجهم في رجب من السنة الخامسة من النبوة، وخرجت قريش في آثارهم، ففاتوهم.

وعن عبد الله بن عُتبة، عن ابن مسعود قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، ونحن نحو من ثمانين رجلاً، وبعث قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية، فلما دخلا على النجاشي سجدا له، وقالا: إن نفراً من بني عمنا نزلوا بأرضك، ورغبوا عنا وعن ملتنا، فبعث إليهم، فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا خطيبكم اليوم، فلما دخلوا قيل له: لِمَ لا تسجد؟ فقال: إنا لا نسجد لغير الله.

وروينا في "مُسند أحمد بن حنبل" رضي الله عنه: "قال: فدعانا، قال جعفر: أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، حتى بعث الله عز وجل إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله تعالى وتوحيده وعبادته، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وقذف المحصنات، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام - وعدد عليه أمور الإسلام-، فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا، ليردونا إلى عبادة الأوثان، وأن نستحل الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا خرجنا إلى بلدك، اخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك.

فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله عز وجل؟ فقال جعفر: نعم، فقرأ عليه صدر من (كهيعص) [سورة مريم]، فبكى- والله - النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، فقال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى عليه السلام من مشكاة واحدة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015