ولا يقال: كرهت -أو: أبغضت- إلا زيداً؟ قلت: قد أجرى "أبى" مجرى "لم يرد"، ألا ترى كيف قوبل (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا) بقوله: (وَيَابَى اللَّهُ) وكيف أوقع موقع "ولا يريد الله": (إلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ).

[(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَاكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) 34 - 35]

معنى أكل الأموال على وجهين: إما أن يستعار الأكل للأخذ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأجاب المصنف عنه: بأن الدليل الدال على إرادة الجحد إيقاع قوله: (وَيَابَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) مقابلاً لقوله: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ)، يعني: هم يريدون الإطفاء، والله تعالى لا يريد إلا الإتمام.

وكأن صاحب "الانتصاف" رد هذا التأويل بقوله: "لا يقال: إن الإباء بمعنى نفي الإرادة، فكما صح الإيجاب بعد نفي الإرادة، فينبغي أن يصح بعد ما هو في معناه، لأنا نقول: لوجود حرف النفي أثر في تصحيح مجيء الإيجاب".

وقلت: لعله نسي قول المصنف في قوله تعالى: (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ) بالرفع: "هذا من ميلهم مع المعنى، والإعراض عن اللف جانباً، لأن المعنى: فلم يطيعوه إلا قليل منهم".

قوله: (أن يُستعار الأكل للأخذ): وذلك بأن تشبه حالة أخذهم أموال الناس من غير تمييز بين الحق اولابطل، وتفرقة بين الحلال والحرام، للتهالك على الدنيا والحرص على جمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015