ألا ترى إلى قولهم: أخذ الطعام وتناوله. وإمّا على أن الأموال يؤكل بها، فهي سبب الأكل. ومنه قوله:

يأكلن كل ليلة إكافا

يريد: علفا يشتري بثمن إكاف.

ومعني أكلهم بالباطل: أنهم كانوا يأخذون الرشا في الحكام والتخفيف والمسامحة في الشرائع.

(والَّذِينَ يَكْنِزُونَ) يجوز أن يكون إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان، للدلالة على اجتماع خصلتين مذمومتين فيهم: أخذ البراطيل، وكنز الأموال والضن بها عن الإنفاق في سبيل الخير.

ويجوز أن يراد المسلمون الكانزون غير المنفقين، ويقرن بينهم وبين المرتشين من اليهود والنصارى؛ تغليظًا ودلالة على أن من يأخذ منهم السحت، ومن لا يعطي منكم طيب ماله؛ سواء في استحقاق البشارة بالعذاب الأليم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

حُطامها، بحالة منهمك جائع لا يميز بين طعام وطعام في التناول. ولا طائل تحت هذه الاستعارة، واستشهاده بقولهم: "أخذ الطعام وتناوله" أسمج، والوجه هو الثاني، وما قال القاضي: "سُمي أخذُ المال أكلاً لأنه الغرض الأعظم منه".

قوله: (أخذ البراطيل)، الأساس: "البرطيل: هو الحجر المستطيل، ومنه: ألقمه البرطيل، وهو الرشوة، وبرطل فلان: أرشى، ومنه قولهم: إن البراطيل تنصر الأباطيل".

قوله: (ويجوز أن يُراد المسلمون الكانزون): يريد أن التعريف في (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ) للعهد، والمعهود: إما الأحبار والرهبان، وإما المسلمون؛ لجري ذكر الفريقين، والأولى حمله على العموم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015